أحدهما: هو حقّ ولاية اللَّه المطلقة؛ و هو أمره و أحكامه و وجوب طاعتها؛ و هذا هو المراد في قول الرسول صلى الله عليه و آله: حقّ اللَّه على العباد أن يعبدوه، و لا يشركوا به شيئاً[1] و هذا ليس هو المقصود من بحثنا هنا.
و ثانيهما: ما كان ملاك الحكم فيه هو المصالح العامّة و الخاصّة، الذي ليس أمره بيد المكلّف، و إن كان المصلحة متعلّقة به، كحرمة قتل المؤمن نفسه أو ولده؛ كما أنّ المقصود من حقّ الآدمي، هو ما كان الملاك فيه المصلحة الشخصيّة، و كان أمره بيده و اختياره؛ كوجوب القصاص و الدية، إذا طلب وليّ الدم و استدعاه؛ و أمّا لو عفى فلا وجوب و لا حكم.
و كوجوب أداء الدين إذا طلب الدائن، و إذا لم يطلب فلا؛ و لعلّ ذلك هو مقصود الشهيد رحمه الله من قوله: «و الضابط فيه أنّ كلّما كان للعبد إسقاطه، فهو حقّ العبد، و ما لا فلا.»
أجل، فعلم من ذلك أنّ المراد من حقوق اللَّه، ليس هو الحدود، لأنّ منها ما هو حقّ اللَّه و ما هو حقّ لآدمي؛ كما أنّه ليس المراد من حقوق اللَّه هي الأحكام الجنائيّة و من حقوق الآدميين هي الدعاوي الماليّة، و إنّما المراد هو ما ذكرناه.
و لا يخفى أنّا إذا دقّقنا النظر في عبائر الفقهاء رحمهم الله يمكن استفادة ما ذكرناه من عبائرهم أيضاً و إن كانت بعض الأمثلة المذكورة فيها محلّ إشكال و إليك بعض منها.
المطلب الثاني: في مناقشة الأمثلة
قال المحقّق رحمه الله في الشرائع: «و هي قسمان: حقّ اللَّه سبحانه، و حقّ الآدمي؛ و الأوّل منه: ما لا يثبت إلّا بأربعة رجال، كالزنا و اللواط و السحق؛ و في إتيان البهائم قولان، أصحّهما ثبوته بشاهدين ... و منه ما يثبت بشاهدين، و هو ما عدا ذلك من الجنايات