قال الشيخ الطوسي رحمه الله: «فإن وجد الإمام ثقة من أهل العلم يرضاه للقضاء و هناك مثله استحبّ له أن يطيعه، فإن لم يفعل قال قوم: للإمام إجباره عليه، لأنّه يدعوه إلى طاعة، و قال آخرون: ليس له إجباره و هو الأقوى عندي لما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: إنّا لا نجبر على القضاء أحداً.»[1] و هذا ظاهر قول ابن حمزة رحمه الله[2] و أحد قولي الشافعي كما مرّ في الخلاف. و وجّه الشهيد الثاني كلام المحقّق رحمهما الله بقوله: «و المصنّف منع من أصل إلزام الإمام في هذه الحالة، لأنّه إن كان في الملزم مزيّة مرجّحة فهو متعيّن و ليس هو محلّ النزاع، و إلّا ففرض الإمام إجراء الواجب على وجهه، و مقتضاه أن يأمر واحداً منهم لا بعينه. فالنزاع حينئذٍ لفظيّ، لأنّه يسلّم أنّ الإمام إذا ألزم واحداً بعينه يتعيّن، و إنّما يدّعي في صورة النزاع عدم إلزامه، لأنّ الإمام لا يلزم واحداً بعينه بما ليس لازماً له، و إنّما هو واجب عليه و على غيره كفاية.»[3] أقول: كلام الفقهاء كما ترى ناظر إلى الإمام المعصوم عليه السلام و كلام الشهيد الثاني في توجيه كلام المصنّف رحمهما الله صحيح أي أنّ الإمام لا يلزم اقتراحاً أي إذا لم يكن وجه للإلزام و أمّا إذا ألزم واحداً بعينه تعيّن؛ للزوم إطاعة أمره.
و أمّا في غير الإمام المعصوم إذا كان أمره لمزيّة و مصلحة و نظام الأمّة فيلزم على الملزَم فإنّه لا منافاة بين أن يكون الموضوع بذاته واجباً كفائيّاً و بين أن يكون واجباً عينيّاً بالإلزام. و أمّا السؤال هل للإمام غير المعصوم ذلك؟ فبحثه موكول إلى مبحث ولاية الفقيه.
ثمّ إنّ قول المصنّف «أمّا لو لم يوجد غيره ...» فواضح إذ القضاء حينئذٍ يصير واجباً