و اراد صاحب الحنطة تعويض الحنطة بالسّكّر، و صاحب السّكّر عكس ذلك، فأنشآ المعاوضة و المبادلة بغير لفظ قبلت؛ بان قال كلّ منهما: ملّكت، او بذلت، او عوّضت، مثلا.
اجل، فمثل هذا لا يعدّ بيعا؛ لما ذكرناه: من انّ فعل البائع هو تمليك السلعة بالاصالة، و تملّك العوض ضمنا؛ و فعل المشتري انما هو تملّك المبيع بالاصالة، و تمليك الثّمن ضمنا.
و عليه؛ فاذا لم يكن مثل هذا بيعا. ترى؛ هل هو عقد؟ أم انّه ليس بعقد- أيضا-، كما أنّه ليس ببيع؟
قال الشيخ الانصاري «ره» في تحقيق معنى البيع، في معرض بيانه الاشكالات الواردة على قول من قال: بانّ البيع إنشاء تمليك بمال.
قال: «و منها: «صدقة على الشّراء؛ فانّ المشتري بقبوله البيع، يملك ماله بعوض المبيع.
و فيه؛ انّ التمليك فيه ضمنيّ.
و انّما حقيقته التملّك بعوض؛ و لذا لا يجوز الشّراء بلفظ ملكت، تقدّم على الايجاب او تأخّر».
و اقول: ظاهر هذه العبارة يفيد:
أوّلا: انّ الفرق بين الايجاب و القبول، انّما هو امر جوهريّ ذاتيّ، و ليس بصوريّ ظاهريّ.
و ثانيا: لزوم وجود الموجب في المبيع، و لا يكفي فيه صرف وجود الطّرف الآخر.
و نحن لو سلّمنا بالاوّل؛ و هو كون الفرق بينهما جوهريّا ذاتيّا، فانّنا لا نسلّم بالثّاني؛ اي: لزوم القبول و الايجاب في صدق البيع، بل، يكفي وجود الطّرفين في صدق البيع؛ و ذلك لعدم وجود الدليل عليه.
كما انّهم قالوا: البيع مبادلة مال بمال او معاوضة او نقل او تمليك؛ و هو بذلك يشتمل على صورة وجود الموجب و القابل و عدمه.