و يلزم في العقد: رضا الطّرفين، و ارادتهما، مع مبرز قوليّ او فعليّ، بخلاف الايقاع؛ فانّه لا يلزم فيه الّا رضا طرف واحد و ارادته و انشائه.
ثم، انّه هل يجب في تحقّق العقد، ان يكون احد الطّرفين موجبا و الآخر قابلا؟ أم يكفي في تحقّقه وجود الطّرفين مطلقا، سواء كانا موجبا و قابلا او لم يكونا؟
المستفاد من ظاهر كلمات القوم «رضوان اللّه تعالى عليهم»: هو الاوّل، و قد اشاروا إليه؛ بل، قد صرّحوا به في موارد كثيرة.
و لا بدّ في تحقيق المطلب؛ من ان يعلم أوّلا: ما هو المراد من الموجب و القابل؟
و بعد تبيان ذلك؛ حينئذ تصل النّوبة الى البحث في اعتبار وجودها، في صدق عنوان العقد المطلق، او العقود الخاصّة، و عدمه.
فنقول: الظاهر من عبارات القوم: أنّ الايجاب هو إنشاء التعهّد و الاقدام عليه؛ سواء كان المتعهد به هو: التمليك، او النقل، او الزواج، او الوكالة، او الصّلح، او ايّ شيء آخر.
و سواء كان مجّانا؛ كالهبة غير المعوضة، او غير مجّان؛ كالبيع، و الايجار، و الزواج.
فيكون في البيع مثلا؛ صاحب السلعة بائعا و موجبا؛ و السلعة مثمنا و معوضا و مبيعا، و المشتري؛ من يقبل ذلك و يرضى به؛ فيكون هو مشتريا و قابلا؛ و ما يعطيه من النقود و غيره ثمنا و عوضا.
فعمل البائع هو الاصل و الاساس في البيع، و عمل المشتري فرع و تبع له، و كذلك الايجار و الزّواج و غيرها.
نعم، هذه هي نماذج منتخبة من الموجب و القابل.
فبناء على هذا؛ لو كان الطّرفان في مستوى واحد من حيث الاصالة؛ كأن يكون كلّ واحد من الطرفين، مملّكا مال نفسه و متملّكا مال غيره؛ من دون ان يكون احدهما اصلا و الآخر تبعا و فرعا؛ كما اذا كان احد العوضين حنطة و الآخر سكّرا،