و على هذا فلو زاد الحدّاد على المقدار المعيّن عمداً، يجوز للمجلود أن يقتصّ منه[1] بل يظهر من بعض الأخبار أنّ الحكم كذلك و لو كانت الزيادة لأجل الغلط و الخطأ، فقد ورد في خبر الحسن بن صالح الثوريّ، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «إنّ أمير المؤمنين عليه السلام أمر قنبراً أن يضرب رجلًا حدّاً، فغلط قنبر فزاده [على ثمانين][2] ثلاثة أسواط، فأقاده عليّ عليه السلام من قنبر بثلاثة أسواط.»[3]
غير أنّ الحسن بن صالح الثوريّ الراوي للخبر لم يرد في حقّه توثيق و لا مدح، بل هو زيديّ ينسب إليه الصالحيّة من الزيديّة، و نقل عن الشيخ الطوسيّ رحمه الله كونه زيديّاً متروك العمل ما يختصّ بروايته.[4]
هذا بناءً على عدم موت المجلود، و أمّا لو مات بتلك الزيادة، فتارة تكون الزيادة مستندة إلى الحاكم، و أخرى إلى الجلّاد، و بالجدير أن نبحث عن المسألة ضمن مطلبين:
المطلب الأوّل: في تجاوز الحاكم عن الحدّ المقرّر المنجرّ إلى موت المحدود
إذا أمر الحاكم- و نعني به غير المعصوم عليه السلام- بضرب المحدود زيادة عن القدر الواجب، فمات المحدود بسبب الضرب، فعلى من يكون الضمان؟
المسألة ذات شقوق، و ذلك لأنّ الحاكم تارة أمر بالزيادة عمداً، و أخرى سهواً و غفلة، و على التقديرين إمّا أن يكون الحدّاد عالماً بالحال أو كان جاهلًا و غافلًا، فالضروب
[3]- وسائل الشيعة، المصدر السابق، ح 3، ص 17؛ و أيضاً: الباب 19 من أبواب قصاص الطرف، ح 1، ج 29، ص 182- و راجع لنحوه: مستدرك الوسائل، الباب 3 من أبواب مقدّمات الحدود، ح 2، ج 18، ص 10.