والدان لغة و عرفاً، و قد نسبت الولادة إلى الزنا و هي قائمة بهما فيكون القذف لهما.
و على هذا فيجب على القاذف حدّان، إلّا أن يدّعي الإكراه أو الشبهة في أحد الجانبين فينتفي الحدّ من تلك الناحية.
و يستشعر هذا القول من كلام ابن إدريس، و العلّامة رحمهما الله في بعض كتبه، بل صرّح به في جملة من كتبه، و ذهب إليه أيضاً الشهيد الأوّل في اللمعة و غاية المراد، و الشهيد الثاني رحمهما الله في الروضة و حاشية الإرشاد.[1]
القول الثالث: وجوب الحدّ لأحدهما غير المعيّن
، لانحصار الحقّ هنا في الأبوين، فإذا اجتمعا على المطالبة تحتّم الحدّ، لمطالبة المستحقّ قطعاً و إن لم يعلم عينه.
نعم، لو انفرد أحدهما بالمطالبة تحقّق الاشتباه و اتّجه عدم ثبوت الحدّ حينئذٍ، لعدم العلم بمطالبة المستحقّ.
و هذا رأي استجوده في المسالك و قوّاه في كشف اللثام.[2]
القول الرابع: عدم ثبوت الحدّ لا للمواجه و لا لواحد من الأبوين
، أمّا المواجه فلأنّه لم ينسب الفعل إليه، و أمّا الأبوان فلأنّ في هذا اللفظ يحتمل كون الزنا مختصّاً بالأمّ، لأنّ الولادة مختصّة بها و يكون الأب مكرَهاً أو مشتبهاً عليه، و يحتمل كون الزنا من الأب، لأنّ النسب يقوم بكلّ واحد منهما، و تكون الأمّ مكرهة أو مشتبهاً عليها، و إذا تعدّد الاحتمال في اللفظ إلى كلّ واحد منهما لا يعلم كونه قذفاً لأحدهما بخصوصه و لا يعلم المستحقّ بذلك، فتحصل الشبهة الدارئة للحدّ، لوجود الاشتباه موضوعاً و حكماً، أضف إلى ذلك كون بناء الحدود على التخفيف.
و العلم الإجماليّ بقذف أحدهما لا يجدي و إن كان اللفظ صريحاً في القذف، و ذلك
[1]- كتاب السرائر، ج 3، صص 517 و 518- إرشاد الأذهان، ج 2، ص 177- مختلف الشيعة، ج 9، ص 265، مسألة 116- قواعد الأحكام، ج 3، ص 545- اللمعة الدمشقيّة، ص 258- غاية المراد، ج 4، ص 223- الروضة البهيّة، ج 9، ص 168.
[2]- مسالك الأفهام، ج 14، ص 428- كشف اللثام، ج 2، ص 413.