من الميّت كلا وطء، لأنّ عضو الميّت مستهلك، و لأنّه عمل لا يشتهى مثله و تنزجر عنه النفس، فلا حاجة إلى تشريع ما يوجب الزجر عنها، و الحدّ إنّما وجب زجراً.
و الرأي الثاني في مذهبي الشافعيّ و أحمد يقوم على أنّ الفعل يعتبر زناً فيجب فيه الحدّ، لأنّه وطء محرّم، بل هو أعظم من الزنا و أكثر اثماً، حيث انضمّ إلى الفاحشة هتك حرمة الميّت؛ هذا إذا لم تكن الموطوءة زوجة للواطئ.
و ذهب إلى هذا الرأي الأوزاعيّ، و هو مقولة مالك، و حجّته في ذلك التذاذ الواطئ بهذا العمل، من دون فرق بين كون الوطء في قبلها أو دبرها، بخلاف من وطأ زوجته الميّتة، فإنّه لا حدّ عليه، و بخلاف إدخال المرأة ذكر ميّت غير زوجها في فرجها، فإنّها تعزّر و لا تحدّ، لعدم اللذّة.[1]
الأمر الثاني: في طرق الإثبات
كما يظهر من المتن، أنّ في المسألة قولين:
القول الأوّل: يثبت الحكم بذلك بشهادة شاهدين من أهل العدالة أو بإقرار الرجل على نفسه مرّتين
؛ و هذا رأي الشيخ الطوسيّ، و ابن حمزة، و ابن البرّاج، و يحيى بن سعيد الحليّ، و العلّامة في المختلف، و الصهرشتيّ رحمهم الله على ما ذكره الشهيد الأوّل رحمه الله في غاية المراد.[2]
و يظهر هذا من الشيخ المفيد رحمه الله[3] في جانب الشهادة، و أمّا الإقرار فلم يذكر حكمه في
[1]- راجع: المغني و يليه الشرح الكبير، ج 10، ص 152- التشريع الجنائيّ الإسلاميّ، ج 2، صص 354 و 355، الرقم 488- الفقه الإسلامي و أدلّته، ج 6، صص 67 و 68.
[2]- النهاية، ص 708- الوسيلة، ص 415- المهذّب، ج 2، ص 534- الجامع للشرائع، ص 556- مختلف الشيعة، ج 9، ص 200، مسألة 58- غاية المراد، ج 4، ص 299.