كل ذلك من أجل تنفير عامة الجمهور منهم، وإبعادهم عنهم، لئلا يتيسر لهم السماع منهم، والتعرف على ثقافتهم وعقيدتهم الحقيقية، وعلى أدلتهم المنطقية عليها.
ثالثها: إبعاد عامة الجمهور عن كثير من تراث الجمهور أنفسهم، وإغفالهم عما يخدم خط التشيع منه، والتركيز على غيره وإشغالهم به، وإن كان دون ما سبق دلالة أو سنداً.
رابعها: محاولة إبعاد عامة الجمهور أيضاً عن البحث في الأمور العقائدية، وحملهم على التمسك بما عندهم على أنها مسلمات لا تقبل البحث والنظر.
نظير ما سبق من الأولين من التحجير على السنة النبوية، وحصر الثقافة الدينية بما تسمح به السلطنة، والمنع حتى من السؤال عن تفسير القرآن الشريف[1].
خامسها: إغفال التراث والفكر الشيعي في مقام البحث والنظر، وإبعادهما عن متناول الجمهور. بل حتى عن الباحثين منهم.
وقد بلغنا أن بعض المكتبات المهمة في عصرنا تمتنع من عرض الكتب الشيعية، وإن كانت قد تعرض كتباً تتضمن أفكاراً تتناقض مع الدين والأخلاق.
وقد جروا في ذلك على سيرة أسلافهم. قال ابن خلدون:
«وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها، وفقه انفردوا به. وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح، وعلى قولهم بعصمة الأئمة، ورفع الخلاف عن أقوالهم. وهي كلها أصول واهية. وشذّ بمثل ذلك الخوارج.
ولم يحتفل الجمهور بمذاهبهم، بل أوسعوها جانب الإنكار والقدح، فلا