وذلك هو المناسب لما سبق من تحجير الخلفاء على السنة النبوية الشريفة والتثقيف الديني بوجه عام إلا في حدود ما تسمح هي به أو تبينه[1].
وبالجملة: فالجمهور يرجع في أمور دينه للخليفة، ولا يرجع لغير الخليفة ويأخذ منه إلا في حدود ما يسمح به. كما يظهر بأدنى ملاحظة لتاريخ الإسلام في الصدر الأول، فالخلافة عندهم كانت دينية ودنيوية، كما ذكرنا.
أما بعد أن سقطت قدسية الخلافة- نتيجة العوامل المتقدمة- فقد اقتصرت الخلافة أخيراً عند الجمهور على الأمور الدنيوية وسياسة الدولة، تدعمها في ذلك القوة والبطش بلا ضوابط. من دون أن يكون الخليفة مرجعاً في أمور الدين.
واضطر الجمهور نتيجة ذلك للالتزام بعدم تشريع إمامة الدين في الإسلام- على خلاف ما عليه الشيعة- وأن على الناس أن يرجعوا للفقهاء على اختلافهم، وأن الله عز وجل لم يجعل لهم علماً يعصمهم من الاختلاف.
بل قد يصل الأمر بهم إلى الالتزام بصواب الكل على اختلافهم، وأن الحق يتعدد في مورد الخلاف بعدد آراء المجتهدين، وأن اختلافهم رحمة للأمة، لأن فيه سعة لها.
ومهما يكن في ذلك من التخبط فهو فتح عظيم للدين، حيث حرره من تحكم السلطة غير المعصومة فيه، ومسخِه له، كما حصل نظيره في الأديان السابقة.
كسر طوق الضغط الثقافي في الفترة الانتقالية
الجهة الثانية: كسر طوق الضغط الثقافي على المسلمين، وارتفاع الحجر عملياً عن الحديث النبوي الشريف، فأصحرت كل فئة بمفاهيمها التي