صلاة الجمعة على المنبر. فلما صلى الناس الجمعة بادروا إلى المقصورة ليسمعوا قراءة الكتاب. فلم يقرأ.
قال الطبري- بعد أن ذكر ذلك-: «فذكر أن المعتضد أمر بإخراج الكتاب الذي كان المأمون أمر بإنشائه بلعن معاوية، فأخرج له من الديوان، فأخذ من جوامعه نسخة هذا الكتاب، وذكر أنها نسخة الكتاب الذي أنشئ للمعتضد بالله: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله ...» وذكر كتاباً طويلًا يقرب من سبع صفحات يتضمن كثيراً من مثالب الأمويين، وخصوصاً معاوية، مما تضمنته الأحاديث الشريفة والأحداث التاريخية.
ثم قال الطبري بعد أن أنهى الكتاب: «وذكر أن عبيد الله بن سليمان أحضر يوسف بن يعقوب القاضي، وأمره أن يعمل الحيلة في إبطال ما عزم عليه المعتضد. فمضى يوسف بن يعقوب فكلم المعتضد في ذلك، وقال له: يا أمير المؤمنين، إني أخاف أن تضطرب العامة، ويكون منها عند سماعها هذا الكتاب حركة. فقال: إن تحركت العامة أو نطقت وضعت سيفي فيها.
فقال: يا أمير المؤمنين، فما تصنع بالطالبيين الذين هم في كل ناحية يخرجون، ويميل إليهم كثير من الناس، لقرابتهم من الرسول، ومآثرهم؟! وفي هذا الكتاب إطراؤهم، أو كما قال. وإذا سمع الناس هذا كانوا إليهم أميل. وكانوا في أبسط ألسنة وأثبت حجة منهم اليوم. فأمسك المعتضد، فلم يرد عليه جواباً. ولم يأمر في الكتاب بعده بشيء»[1].
وهكذا يكون الموقف السلبي من الطالبيين وأهل البيت (صلوات الله عليهم) حاجزاً دون بيان الحقائق، ومحفزاً على تحريفها وتشويهها.
كما يتزامن تأكيد السلطة على احترام الأولين ومن هو على خطهم مع
[1] تاريخ الطبري ج: 8 ص: 182- 190 في أحداث سنة 284 ه-.