الإسلام في مسارها الذي أراده الله تعالى لها. لأنه (ع) كان على يقين من عدم تيسر ذلك، وأنه لابد من عود السلطة إلى الانحراف في مسارها.
وإنما كانت الثمرة المهمة لتوليه (ع) الخلافة تنبيه الأمة لانحراف مسار السلطة في الإسلام، وظهور كثير من الأحكام الشرعية والحقائق التي يتوقف عليها بقاء دعوة الإسلام الحق، وسماع صوتها، إقامة للحجة، حتى مع عود السلطة للانحراف الذي فرض على الإسلام بعد ارتحال النبي (ص) للرفيق الأعلى.
قيامه (ع) بالأمر بعد عثمان بعهد من الله تعالى
ومن الطبيعي أن ذلك كله كان بعهد إليه من النبي (ص) عن الله عز وجل لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ[1].
قال (ع) في خطبته لما بويع: «ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيكم (ص). والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة، ولتغربلن غربلة، ولتساطن سوط القدر، حتى يعود أسفلكم أعلاكم، وأعلاكم أسفلكم. وليسبقن سابقون كانوا قصروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا. والله ما كتمت وشمة، ولا كذبت كذبة. ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم ... حق وباطل. ولكل أهل. فلئن أمر الباطل لقديماً فعل. ولئن قلّ الحق فلربما ولعل. ولقلما أدبر شيء فأقبل»[2].
وذيل هذا الكلام مشعر بيأسه (ع) من تعديل مسار السلطة في الإسلام، وبقاء الخلافة في موضعها الذي وضعها الله عز وجل فيه بعد أن خرجت عنه وأدبرت.