قصّة موسى والعالم الّذي لقيه بمجمع
البحرين وكان يعلم تأويل الحوادث ذكر الله سبحانه بها نبيّه (صلّي الله عليه وآله
وسلّم) وهو من التذكيرات الواقعة إثر ما أمره في صدر السورة بالصبر والمضيّ على
تبليغ رسالته والسلوة فيما يشاهده من إعراض الناس عن ذكر الله وإقبالهم على الدنيا
وبيّن أنّ الذي هم مشتغلون به زينة معجّلة ومتاع إلى حين فلا يشقّنّ عليه ما يجده
عندهم من ظاهر تمتّعهم بالحياة وفوزهم بما يشتهون فيها فإنّ وراء هذا الظاهر
باطناً وفوق سلطتهم على المشتهيات سلطنة إلهيّة. فالتذكير بقصّة موسى والعالم كأنَّه
للإشارة إلى أنّ لهذه الوقائع والحوادث الّتي تجري على مشتهى أهل الدنيا تأويلاً
سيظهر لهم إذا بلغ الكتاب أجله فأذن الله لهم أن ينتبهوا من نومة الغفلة وبعثوا
لنشأة غير النشأة يوم يأتي تأويله يقول الّذين نسوه من قبل لقد جاءت رسل ربّنا
بالحقّ([219]).
في هذه السورة المباركة من كتاب الله تعالى، وهي جانب من تجربة موسى عليه السلام مع العبد الصالح، وما
فيها من وقفات عظيمة المنفعة للدعاة وطلبة العلم،
سواء في مسائل العقيدة أو مسائل التعامل
مع المدعوين
بصفة عامة ومع المقربين والصفوة من الأتباع بصفة خاصة. ولما تحمله هذه القصة من التواضع
والتضحية والصبر في طلب العلم.