إذن الخطوة الأولى من مقومات السلوك والسّير إلى الله، هي «التّوبة»، التّوبة التي تمحو الذّنوب من القلب وتبيّض صفحته وتجعله يتحرك في دائرة النور، وتنقله من دائرة الظّلمة، وتخفف ثقل الذّنوب من خزينه النّفساني، ورصيده الباطني، وتمهّد الطّريق للسّير والسّلوك إلى الله تعالى، في خط الإيمان وتهذيب النّفس([475]).

قال تعالى: (إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ)([476]). وقال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى الله لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ)([477]). وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلى الله تَوْبَةً نَّصُوحًا)([478]). قال (صلى الله عليه وآله): "الندم توبة"([479]).

عن معاوية بن وهب قال: سمعت الإمام أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة، فقلت: وكيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب ويوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب([480]).

ويشترط في تمام التوبة وكمالها بعد تدارك كل معصية بما مر: من طول الندم، وقضاء العبادات، والخروج عن مظالم العباد، وطول البكاء والحزن والحسرة، واسكاب الدموع، وتقليل الاكل وارتياض النفس، ليذوب عن بدنه كل لحم نبت

[475] الشيرازي, ناصر مكارم: الأخلاق في القرآن, ج1, ص189

[476] سورة البقرة: آية: 222.

[477] سورة النساء: آية: 17.

[478] سورة التحريم: آية: 8.

[479] النيسابوري, ابو عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم: المستدرك على الصحيحين,كتاب التوبة والانابة, ح3161, دار المعرفة, ص345.

[480] الكليني: الكافي, ج2، ص 431.