قطرة علم أخذها عنه بأمانةٍ صادقةٍ تعينه على شق طريقه بين صفوف علماء الكوفة عندما يعود إليها محملاً وحاملاً لهذا التراث الثَرِّ النفيس من مكة والمدينة لأهل العراق.

وهذا ما حدث تماماً لسعيد؛ فهو ما إن عاد إلى الكوفة حتى توجهت أنظار طلاب العلم والمحتاجين للفتيا إلى علمه، وظل مع كل ذلك يزور ابن عباس كل عام مرتين، مرّة في العمرة ومرة في الحج([65]).

كان وثيق الصلة بأستاذه يأخذ بنصائحه وإرشاده حتى في أخصّ خصوصياته.

سأله ابن عباس يوماً إن كان متزوجاً أم لا؛ ولمّا أجابه بالنفي أمره بالتزويج([66]).

ظل ملازماً لابن عباس حتى صار أعلم جماعته، بالتفسير والقراءة والفتيا وأسباب النزول([67])، ولم تقتصر دراسته على ابن عباس لهذه العلوم بل أجاز له أن يحدّث في حضرته وهي ما يُسمى في علم الحديث - الإجازة مُشافهة([68]) - فأكّد منزلته العلمية حيث يُحَدِّثُ الحاضرين في حضرة شيخه([69])؛ وهي منزلة لم يكن يحلم

[65] حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني: ج4، ص275؛ البداية والنهاية، تأليف: ابن كثير: ج9، ص98، ط 1348هـ، القاهرة.

[66] ذيل الأمالي والنوادر، تأليف: أبو علي القالي: ص480، طبعة بيروت.

[67] المصدر السابق.

[68] الإجازات العلمية، تأليف: د. عبد الله الفياض: ص21، ط 1967م، بغداد.

[69] الطبقات الكبرى لابن سعد: ج6، ص256. الإكليل، تأليف: الحسن بن أحمد الهمداني: ج2، ص215 - 216، ط 1386هـ - 1966م، القاهرة.