كذلك هجرة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم من مكة المكرمة إلى يثرب لإقامة أول دولة إسلامية تدعو إلى توحيد الله ونبذ الشرك والظلم وإقامة العدل وإنصاف المظلومين كذلك هجرة الحسين عليه السلام من يثرب المدينة المنورة - ليلة الثالث من شعبان سنة ستين للهجرة إلى مكة المكرمة فخرج عليه السلام وهو يتلو قوله تعالى: {فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}([180])، فلما دخل مكة تلا قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ}([181]). ثم هاجر من مكة إلى كربلاء يوم الثلاثاء يوم التروية من ذي الحجة سنة ستين للهجرة وتبرأ فيها عليه السلام من المفسدين على الأمة حياتها فخاطبهم قائلاً وتأول قول الله عز وجل: (لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون)([182])، حتى وصل إلى كربلاء في أول محرم الحرام سنة إحدى وستين للهجرة والتي قطع فيها الإمام مسافة تقدر بـ(1500كم) وكانت المدة الزمنية تقدر بـ (150) يوماً حتى قبل استشهاده وكانت الغاية من تلك الهجرة أن يجعل من كربلاء منطلقاً فكرياً وعقائدياً لإكمال رسالات الأنبياء عموماً ورسالة جده صلى الله عليه وآله وسلم خصوصاً وتطبيق الشريعة الإسلامية كما نزلت على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ورد الحقوق المغصوبة إلى أهلها فتحولت كربلاء إلى قاعدة ينتهل منها الأحرار ويغترف منها الأباة

[180] القصص/ 21.

[181] القصص/22.

[182] يونس/5, وينظر: جوابه عليه السلام لرسل عمر بن سعيد بن العاص عامل يزيد على مكة. تاريخ الطبري: 3/296.