السموات والأرض ولم يكن استنصاره لأحد إلا بذل المزيد من الدم فرخص دمه الطاهر وأهل بيته وأصحابه بل حتى طفله الرضيع لتبقى تربة كربلاء حمراء بلون الدم بل إنّه عليه السلام صبغ وجهه ورأسه ولحيته المقدسة بالدم - روحي له الفداء -) (هكذا ألقى الله مخضباً بدمي مغصوباً علي حقي) ([176])، لأن اللون الأحمر أكثر ثباتاً في النفوس وأعمق تأثيراً في القلوب، وليدل على رخص الدم مقابل العقيدة، وانتصر الدم وانتصر الحسين عليه السلام فسلامٌ عليه يومَ وُلدَ ويوم َاستشهدَ ويومَ يبعثُ حياً.

وهناك أهداف أخرى لنهضة الإمام الحسين عليه السلام لايمكن الإحاطة بها في هذه الوريقات فليراجعها في مصادرها([177]).

ثانياً: من عطاء الهجرة الحسينية إلى كربلاء وليلة عاشوراء

1-إنَّ هجرة الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء تماثل تماماً هجرات الأنبياء عليهم السلام لإعلان التوحيد وإقامة العدل ورفع الظلم عن المستضعفين في الأرض كما في هجرة إبراهيم الخليل عليه السلام من أور جنوب العراق([178])، مروراً بمصر وفلسطين ثم إلى مكة المكرمة وتجديد البيت العتيق ليكون منطلقاً لتوحيد الله عز وجل وعبادته([179]).

[176] اللهوف، السيد ابن طاووس (قدس): 36.

[177] ظ. لمزيد من التوسع, ظ: نهضة سيد الشهداء السيد الطباطبائي (قدس) 25 وما بعدها أضواء على الثورة الحسينية السيد محمد صادق الصدر (قدس): 27-88, بارقة من سماء كربلاء اليزدي: 25 وما بعدها.

[178] أور, مدينة تاريخية جنوب ذي قار على بعد مسافة تقدر بعشرة كيلومترات.

[179] ظ. قصص الأنبياء, إعداد عبد الواحد الأمين: 1/124 وما بعدها.