يستطيعون الافتراء والكذب على المختار دون أن يتحرجوا من ذلك والشواهد التاريخية تؤيد ذلك، فمثلاً بعث مصعب بن الزبير إلى عمرة بنت النعمان بن بشير وهي امرأة المختار، فقال لها: ما تقولين في المختار؟ فقالت: رحمه الله، كان عبداً من عباد الله الصالحين، فأودعها السجن، وكتب إلى أخيه عبد الله بن الزبير «أنها تزعم أنه نبي»، فكتب إليه أن اقتلها ([1292])، وقال أحد بني مروان للزهري ([1293]) - الذي كان عاملا لبني أميه فتركهم ولزم علي بن الحسين (عليه السلام) – يا زهري ما فعل نبيك؟ يعني علي بن الحسين (عليه السلام)([1294])، ويبدو أن هناك تحولاً حصل في حياة الزهري في أواخر حياته بسبب رسالة الإمام السجاد (عليه السلام) له والتي وعظه فيها بترك ما هو فيه من موالاة ومحاباة الأمويين وأعوانهم ([1295]).

والمستغرب هنا أن المؤرخين لم يلتفتوا إلى أن قضية ادعاء النبوة لا يمكن أن تنسجم مع حكم المختار للكوفة، فقد عُرف عن هذه المدينة أنّها مدينة

[1292]- البلاذري, جمل من أنساب الأشراف, ج6, ص443؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج6، ص109؛ مسكويه، تجارب الأمم، ج2، ص141-142؛ أبن كثير، البداية والنهاية، ج6، ص38.

[1293]- محمد بن مسلم بن شهاب الزهري (ت124هـ) من مؤرخي المدينة ومن أوائل الذين كتبوا في المغازي، وهو صاحب شرطة بني أمية، وقد أمعن في خدمة بني أمية، حتى كتب إليه الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) رسالة وعظه فيها. ينظر: الحراني، تحف العقول عن آل الرسول، ص274-277.

[1294]- ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص298؛ النويري، حسين، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، الطبعة الثانية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1988م، ج18، ص222.

[1295]- ينظر: الحراني، تحف العقول، ص173-175.