وقتالهم المثنى بن مخرمة أثناء دعوته لهم لبيعة المختار، وزيادة على ذلك شجعته مواقف الأحنف السابقة من الإمام علي (عليه السلام)، فلم يشترك مع أهل البصرة في الجمل، وكان معه في صفين، واعترض على تحكيم أبي موسى الأشعري قائلاً: «فإبعثني مكانه آخذ لك بالوثيقة وأضعك من هذا الأمر بحيث أنت» ([1289])

ويظهر من خلال ذلك أن المختار كان يأمل أن يكون الأحنف بن قيس إلى جانبه وليس إلى جانب آل الزبير، لاسيما أنّ البصرة كانت في وقتها إحدى ولاياتهم، وربما لو ساند الأحنف بن قيس المختار في دعوته لكان وضع البصرة مختلفاً، وتكون دولته في الكوفة أكثر أماناً، وأن لا يضطر للقتال على جبهتين آل الزبير من جهة البصرة والأمويين من جهة الشام فالمختار كان يعرف أمور الحرب جيداً، وهذا ما بينه قول عمير بن الحباب ([1290]) لإبراهيم عندما استشاره بقتال عبيد الله بن زياد: «فلا تعدون رأيه، فأن الشيخ قد ضرسته الحرب، وقاسى منها ما لم نقاس».([1291])

كما أنّنا يمكن أن نضيف إلى ما تقدم أنّ آل الزبير والأمويين كانوا

[1289]- البلاذري، جمل من أنساب الأشراف، ج3، ص105.

[1290]- هو عمير بن الحباب بن جعدة السلمي رأس القيسية في العراق، وأحد الأبطال الدهاة، كان ممن قاتل عبيد الله بن زياد مع إبراهيم بن الأشتر بالخازر، ثم أتى قرقيسيا خارجاً على عبد الملك بن مروان، وتغلب على نصيبين، واجتمعت عليه كلمة قيس كلها. ينظر: الزر كلي، الأعلام، ج5، ص88.

[1291]- الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج6، ص90.