ولقد كان لانتصار الثوار في معركة الرارنجية التي تبعد عن الكفل([894]) بثمانية أميال، الأثر الكبير في رفع معنويات المجاهدين وتوسيع نفوذهم، وقد آنتشرت أخبارها بكثافة في الأوساط العراقية، حيث تمّ انكسار وهزيمة قوات الاحتلال في 24 تموز 1920م - 9 ذي القعدة 1338هـ، بينما أظهرت العشائر قدرة فائقة في حرب المواجهة المباشرة بالسلاح الأبيض، فأصبحت هذه المعركة بتفاصيل وقائعها وبسالة رجالها نقطة تحوّل في مسار الثورة، ويبدو أنها من أعظم معارك ثورة العشرين، فقد تمزق رتل (مانجستر) القادم من الحلة إلى الكفل في معركة دامت ست ساعات. وبالإضافة إلى الانتصار الميداني الذي حققه المجاهدون، فقد غنموا في هذه المعركة غنائم كثيرة، وعلى أثر ذلك تصاعد التيار الثوري في أوساط العشائر بشكلٍ ملحوظ، حتى أن عمران الحاج سعدون - المار الذكر - صار في الزاوية الحادة من قبل أفراد عشيرته، ولم يجد مناصاً من الانضمام للثوّار([895]). وهكذا سجلت المدن والعشائر صفحات جهادية مشرقة في تاريخ العراق الحديث، حسب درجة إمكانياتها وتضحياتها، وطريقة مجابهتها لجيش الاحتلال، وأصبحت تلك البطولات روايات الفخر والعزّة لعموم شعب العراق فضلاً عن العشائر والمدن والمواقع التي انطلقت منها([896]). يقول الشاعر علي البازي في قصيدته

[894] تقع مدينة الكفل ما بين الحلةوالكوفة.

[895] راجع الوردي، المرجع ذاته، ص258-262.

[896] لمعرفة أحداث الثورة في شرق الديوانية، ودور عشيرة الأقرع، ومعارك القطار، وعشيرة البدير، راجع الوردي، المرجع نفسه ص262-270. ومما يذكر في معركة القطار الذي تحرك من محطة الديوانية صباح 30 تموز قاصداً الحلة، فقد استغرق أحد عشر يوماً ليقطع مسافة الطريق البالغة 85كم، أي أنه كان يسير بمعدل 8كم في اليوم الواحد تقريباً، وذلك لأن الثوار كانوا يقلعون قضبان السكة قبل مجيء القطار، فيضطر سائق القطار إلى التوقف، فيسرع عماله ومهندسوه إلى اقتلاع القضبان من وراء القطار حيث مشى عليها القطار، لينصبوها من جديد أمامه. لقد شاركت في هذه المعركة عدة عشائر وهي: عفك والأقرع وخفاجة، وآل شبل، والجبور، وألبو سلطان، وكان للسيد كاطع العوادي دور بارز فيها. راجع التفاصيل المفيدة في المصادر والمراجع المعنية منها الوردي، المرجع ذاته، ص266-269، تحت عنوان (معارك القطار).