نام کتاب : شيعة العراق وبناء الوطن نویسنده : مالك، محمد جواد جلد : 1 صفحه : 126
اقتصادية بالدرجة
الأولى»([162]). ويستنتج حنا بطاطو من ذلك بوجود «تباعد
اجتماعي ونفسي بين العرب الحضريين والعرب العشائريين. وكان هؤلاء وأولئك يختلفون
بعضهم عن بعض بطرق كثيرة. فقد كانت حياة العرب الحضريين تخضع بشكل عام للقوانين
الإسلامية والعثمانية أما حياة العرب العشائريين فكانت تخضع للعادات والتقاليد
العشائرية القديمة المصبوغة بصبغة إسلامية.. إن عرب المدن كانوا على وعي كبير
بإسلامهم، بينما لم يكن شعور عرب العشائر اتجاه الإسلام بهذه الكثافة»([163]). ولكن، وبالرغم من هذه التصورات التي تبدو -
أحياناً - واقعية من خلال بعض السلوكيات، إلا أنه، ومن خلال النظرة الداخلية
للأوضاع الاجتماعية والسياسية، نلاحظ أن العامل الديني - المذهبي، والإتني (العرقي)
يشكّلان المحوريْن الأساسيّين لتلك التجمعات الفكرية. لذلك تميزت كلّ طائفة مذهبية
أو عرقية بجوامع مشتركة فيما بين أفرادها على مستوى العقيدة والثقافة والعادات،
وكذلك على مستوى الأحداث التاريخية التي كرست تلك الحالة الفكرية، أو على الأقل
جذّرت بعض أسسها الثقافية، وبمعنى آخر، إن كل جماعة تفاعلت مع متبنياتها الفكرية
ومواقفها العملية التي سجلت من خلالهما أحداث تاريخية لها ظروفها الخاصة والتي
خلّفت قناعات خاصة أيضاً، وبذلك أنتجت تراثاً وعادات وتقاليد ميّزتها عن غيرها،
ويبدو لنا - على الأغلب - إن الدين والمذهب والتاريخ واللغة، بمثابة الروافد
الطبيعية لتلك الموروثات المترسبة في لا شعور كل فئة وبمساحة واسعة، وعليه - فإننا
سنشهد - ظهور وعي ثقافي متبلور لديها، بما يتناسب مع تلك الخلفية الفكرية التي
تملكها وتتفاعل معها بظروفها الحالية، من عقائد وتاريخ وتراث وأعراف وعاداتسلوكية.
وبما أن الثقافة العامة للشعب
العراقي هي ثقافة إسلامية، فإن التطورات الحركية
[162] بطاطو، حنا: العراق، الطبقات
الاجتماعية والحركات الثورية، مرجع سابق،ص31.