2ـ
وهناك موقف آخر للشهيد في صفّين يكشف عن مدى حبّه للإمام وتمسكه به مهما كانت
الظروف، وذلك في الوقت الذي قام فيه عمرو بن العاص وتكلم وقال: إنّ هذا قد خلع
صاحبه وأنا أخلع صاحبه كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية في الخلافة، فإنّه وليّ عثمان
والطالب بدمه وأحقّ الناس بمقامه، فقال أبو موسى: مالك قد غدرت وفجرت، إنّما مثلك
مثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث فقال عمرو: إنّما مثلك كمثل الحمار
يحمل أسفاراً وحمل شريح بن هانئ على عمرو فقنّعه بالسوط، وحمل على شريح ابن عمرو
فقنّعه بالسوط، وقام الناس فحجزوا بينهم فكان شريح يقول: ما ندمت على شيء ندامتي
إلاّ أكون ضربت عمرواً بالسيف بدل السوط ولكن أتى الدهر بما أتى به. والتمس أصحاب
علي(علیه السلام) أبا موسى فركب ناقته ولحق بمكّة، وكان ابن عباس يقول: قبّح الله أبا موسى،
لقد حذّرته وهديته إلى الرأي فما عقل، يقول نصر: ورجع عمرو إلى منزله في دومة
الجندل فكتب إلى معاوية: