ومن جملة أقسامه ترك العمل خوفاً من الوقوع في الرياء، فإنه قد أراح الشيطان من الإفساد.

تقسيم آخر

قد يكون الرياء بغير العبادات، وهو قد يكون مستحباً وقد يكون واجباً، إذ يجب على المؤمن صيانة عرضه وأن لا يفعل ما يعاب عليه، فلا يليق بذوي المروءات أن يرتكبوا الأمور الخسيسة بأنفسهم عند مشاهدة الناس وإن جاز لهم في الخلوة، ولهذا ورد الأمر بالتزين[425] وإظهار النعمة[426] وإظهار الغنى[427] وكتم الفقر[428] ونحو ذلك من الشريعة المقدسة.

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أراد يوماً أن يخرج على أصحابه وكان ينظر في جب[429] من الماء ويسوى عمامته وشعره، فقيل له، أو تفعل ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم إن الله يحب من العبد أن يتزين لإخوانه إذا خرج إليهم[430].

[425] قال تعالى: ((يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) سورة الأعراف/31.

[426] قال تعالى: ((يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ)) سورة الأحزاب/ 9.

[427] قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إظهار الغنى من الشكر».

غرر الحكم، الآمدي: 279، طريق الشكر/ ح1.

[428] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا علي إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه فمن ستره كان كالصائم القائم، و من أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله، أما إنه ما قتله بسيف و لا رمح، و لكن بما أنكر من قلبه».

جامع الأخبار، الشعيري: 112، الفصل الثامن والستون في كتمان الفقر.

[429] الجب: بئر غير بعيدة القعر.

كتاب العين، الفراهيدي: 6/ 25، مادة "جب".

[430] أنظر:إحياء علوم الدين،الغزالي:3/265،كتاب ذم الجاه والرياء،بيان حقيقة الرياء وما يراءى به.