وقال الصادق عليه السلام: إن رجلاً أتى النبي صلى
الله عليه وآله وسلم فقال له: يا رسول الله أوصني. فقال له رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم: فهل أنت مستوص إذا أنا أوصيتك؟[1541]
حتى قال له ذلك ثلاثاً وفي كلها يقول له الرجل: نعم يا رسول الله. فقال له رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم: فإني أوصيك إذا أنت هممت
بأمر فتدبر عاقبته،فإن يك رشداً فأمضه،وإن يك غياً فانته عنه[1542].
الفصل الثاني: في المراقبة
ينبغي للعبد أن يراقب نفسه عند
الخوف في الأعمال، ويلاحظها بالعين الكالئة، فإنها إن تركت طغت فأفسدت وفسدت، ثم
يراقب الله في كل حركة وسكون، وذلك بأن يعلم بأن الله مطلع عليه وعلى ضمائره خبير
بسرائره، رقيب على أعمال عباده، قائم على كل نفس بما كسبت، وأن سر القلب في حقه
مكشوف كما أن ظاهر البشرة للخلق مكشوف، بل أشد من ذلك، قال الله تعالى: ((أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ
اللّهَ يَرى))[1543] وقال تعالى: ((إِنَّ اللّهَ كانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا))[1544].
وقال النبي صلى
الله عليه وآله وسلم: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه،فإن لم تكن تراه فإنه يراك[1545].
وفي الحديث القدسي: إنما يسكن
جنات عدن الذين إذا هموا بالمعاصي ذكروا عظمتي فراقبوني، والذين انحنت أصلابهم من
خشيتي، وعزتي وجلالي إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى أهل الجوع والعطش من مخافتي
صرفت عنهم العذاب[1546].