فعلى كل وجه ما متعلق المحبة إلا الله، إلا أنه لا يعرف ذلك إلا
أولياؤه وأحباؤه، كما أشار إليه سيد الشهداء عليه السلام في دعاء عرفة بقوله:
وأنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبائك حتى لم يحبوا سواك ولم يلتجئوا إلى غيرك،
فسبحان من احتجب عن أبصار العميان غيرة على جماله وجلاله أن يطلع عليه إلا من سبقت
له منه الحسنى الذين هم عن نور الحجاب مبعدون، وترك الخاسرين في ظلمات العمى
يتيهون، وفي مسارح المحسوسات وشهوات البهائم يترددون، ((يَعْلَمُونَ ظاهِرًا مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ
غافِلُونَ[1319])) [1320].[1321]
إذا عرفت هذا علمت فساد مقالة
الزاعمين أن المحبة لا تكون إلا مع الجنس والمثل، ومحبة الله حقيقة ممتنعة.
الفصل الثاني: في الشواهد على محبة الله تعالى وفضلها
قال الله تعالى في وصف أمير
المؤمنين وأولاده الطاهرين: ((سَوْفَ[1322]يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ))[1323] وقال تعالى: ((وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ))[1324] وقال
[1321] أنظر: الحقايق في محاسن
الأخلاق، الفيض الكاشاني: 178 ــ 180، الباب الرابع في المحبة والأنس، الفصل الأول
المحبة بعد المعرفة والإدراك. المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 8/ 8 ــ 16، كتاب المحبة
والشوق والرضا والأنس، بيان حقيقة المحبة وأسبابها. إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/
259 ــ 263، كتاب المحبة والشوق والأنس والرضا، بيان حقيقة المحبة وأسبابها وتحقيق
معنى محبة العبد لله تعالى.