وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من زهد في الدنيا أحل الله[1286] الحكمة في قلبه فأنطق
بها[1287] لسانه وعرفه داء
الدنيا ودواءها وأخرجه سالماً إلى دار السلام[1288].
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من آثر الدنيا على
الآخرة ابتلاه الله بثلاث: همّ لا يفارق قلبه أبداً، وفقر لا يستغني معه أبداً،
وحرص لا يشبع معه أبداً[1289].
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا يستكمل العبد
الإيمان حتى يكون أن لا يعرف أحب إليه من أن يعرف، وحتى يكون قلة الشيء أحب إليه
من كثرته[1290].
الفصل الثاني: في حقيقته
الزهد هو صرف الرغبة عن الدنيا وعدم إرادتها بقلبه إلا بقدر ضرورة
بدنه، وقد تقدم تحقيق معنى الدنيا، ومنه يعلم أن الزهد في الدنيا لا ينافي كثرة
المال والخدم ونحوهما إلا إذا كان محباً لها بقلبه وراغباً فيها وتشغله عن ذكر
الله.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: الزهد كله بين
كلمتين من القرآن، قال سبحانه[1291]: ((لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ))[1292]. ومن لم يأس على
الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه[1293].