والخائفون من القسم الثاني منهم من يغلب عليه خوف الموت قبل التوبة، أو
خوف نقض التوبة، أو خوف ضعف القوة عن الوفاء بتمام حقوق الله، أو خوف زوال رقة
القلب وتبديلها بالقساوة، أو خوف الميل عن الاستقامة، أو خوف استيلاء العادة في
اتباع الشهوات المألوفة، أو خوف أن يكله الله إلى حسناته التي اتكل عليها وتعزز
بها في عباد الله، أو خوف البطر بكثرة نعم الله عليه، أو خوف الاشتغال عن الله
بغير الله، أو خوف الاستدراج بتواتر النعم، أو خوف انكشاف غوائل[1250] طاعاته حتى يبدو له
من الله ما لم يكن يحتسب،أو خوف تبعات الناس عنده في الغيبة والخيانة والغش وإضمار
السوء، أو خوف ما لا يدري أن يحدث في بقية عمره، أو خوف تعجيل العقوبة في الدنيا
والافتضاح قبل الموت، أو خوف الاغترار بزخارف[1251] الدنيا، أو خوف خاتمة
السوء، أو خوف اطلاع الله على سريرته في حال غفلته، أو خوف السابقة التي سبقت له
في الأزل.
وهذه كلها مخاوف
العارفين، ولكل منها خصوص فائدة، وهو سلوك سبيل الحذر عما يفضي إلى المخوف فمن
يخاف استيلاء العادة عليه فليواظب على الفطام عن العادة، والذي يخاف من اطلاع الله
على سريرته يشتغل بتطهير قلبه... وهكذا.
وأما الخائفون من المكروه لذاته
فمنهم من يغلب عليهم سكرات الموت[1252]