ومن حيث إنها خلقت للاعتبار لا للعمار
ورد فيها bإنها
جسر[639] فاعبروها ولا تعمروهاv[640].
وقال
عيسى عليه السلام: الدنيا قنطرة[641]
فاعبروها ولا تعمروها[642]. وذلك لأن الميل الأول الذي هو على رأس القنطرة المهد، والميل الثاني
اللحد، وبينهما مسافة محدودة، منهم من قطع ثلثها ونصفها وثلثيها، ومنهم من لم يبق
له إلا خطوة واحدة، وهذا محتمل لكل أحد.
ومن
زينها بأنواع الزينة واتخذها موطناً وهو عابر عليها بسرعة فهو في غاية من الحمق
والجهل.
ومن
حيث حسن منظرها وقبح مخبرها قال فيها أمير المؤمنين عليه
السلام في ما كتب إلى سلمان: مثل الدنيا مثل الحية لين
مسها ويقتل سمها، فأعرض عما يعجبك منها لقلة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها لما
أيقنت من فراقها، وكن أسر ما تكون منها أحذر ما تكون منها، فإن صاحبها كلما اطمأن
بها إلى سرور أشخصته عنه مكرهاً ــ والسلام[643].
ومن حيث تعذر الخلاص عن تبعاتها بعد الخوض فيها قال فيها
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنما مثل صاحب
الدنيا كمثل الماشي في الماء، هل يستطيع الذي يمشي في الماء أن لا تبتل قدماه[644].