أولها: أن يكون الهم منصرفاً إلى تحقيق الحروف
بإخراجها من مخارجها، فيكون تأملهم مقصوراً على مخارج الحروف، وهذا من تسويلات[471]) الشيطان.
ثانيها: أن يكون مقلداً لمذهب سمعه بالتقليد
وجمد عليه وثبت في نفسه التعصب له بمجرد الاتباع للمسموع من غير وصول إليه ببصيرة
ومشاهدة.
ثالثها: أن يكون مصراً على ذنب أو متصفاً بكبر،
ومبتلى على الجملة بهوىً في الدنيا مطاع، فإن ذلك سبب ظلمة القلب وصدؤه، وهو
كالخبث[472]) على المرآة.
رابعها: أن يكون قد قرأ تفسيراً ظاهراً، واعتقد
أنه لا معنى لكلمات القرآن إلا ما تناوله النقل، وأن ما وراء ذلك التفسير بالرأي
ولم يعلم أن القرآن له معان كثيرة وبطون وبطون وبطون[473]).
ومنها: التخصيص، وهو أن يقدر أنه المقصود بكل
خطاب في القرآن فإن سمع أمراً
أو نهياً قدر أنه هو المأمور والمنهي، وإن سمع وعداً أو وعيداً فكمثل ذلك، وإن سمع
موعظة اتعظ أو عبرة اعتبر، وهكذا.
[472] الخبث، بفتح الخاء والباء: ما تنفى النار من
رديء الفضة والحديد.
غريب الحديث، ابن سلام: 2/ 192.
[473] عن جابر بن يزيد الجعفي قال سألت أبا جعفر عليه
السلام عن شيء من التفسير فأجابني ثم سألته عنه ثانية فأجابني بجواب آخر فقلت
جعلت فداك كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم فقال: «يا جابر إن
للقرآن بطنا و للبطن بطنا وله ظهر وللظهر ظهر يا جابر ليس شيء أبعد من عقول الرجال
من تفسير القرآن إن الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء وهو كلام متصل منصرف
على وجوه».