لسانك بصفاء سرك، فإنه خلقك عبداً وأمرك أن
تعبده بقلبك ولسانك وجوارحك، وأن تحقق عبوديتك له بربوبيته لك، وتعلم أن نواصي
الخلق بيده، فليس لهم نفس ولا لحظة إلا بقدرته ومشيئته وهم عاجزون عن إتيان أقل
شيء في مملكته إلا بإذنه وإرادته.
ثم قال عليه
السلام[430]: «فاستعمل العبودية في الرضا بحكمته،وبالعبادة في
أداء أوامره، وقد أمرك بالصلاة على نبيه
محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فأوصل صلاته بصلاته وطاعته بطاعته وشهادته بشهادته،
وانظر أن لا تفوتك بركات معرفة حرمته فتحرم عن فائدة صلواته»[431].
الفصل السادس والعشرون: في التسليم
قال رحمه الله[432]: وإذا فرغت من التشهد فأحضر نفسك
بحضرة سيد المرسلين والملائكة المقربين وبقية أنبياء الله وأئمته عليهم السلام: والحفظة
لك من الملائكة المحصين لأعمالك، وأحضرهم جميعاً في بالك وقل: «السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته»، ولا تطلق لسانك بصيغة الخطاب من غير حضور المخاطب في ذهنك، فتكون
من العابثين واللاعبين. وكيف يسمع الخطاب لمن لا يقصد لولا فضل الله ورحمته
الشاملة ورأفته الكاملة في اجتزائه بذلك عن أصل الواجب، وإن كان بعيداً عن درجات
القبول منحطاً عن أوج القرب
والوصول.
وإن كنت إماماً لقوم فأقصدهم
السلام مع من تقدم من المقصودين، وليقصدوا هم الرد عليك أيضاً، ثم يقصدوا مقصدك
بسلام ثانٍ، فإذا فعلتم ذلك فقد أديتم وظيفة السلام، واستحققتم من الله مزيد الإكرام[433].
[433] أنظر: أسرار الصلاة، الشهيد الثاني: 143، وظائف
السلام وأسراره، التسليم. أسرار العبادات، الفيض الكاشاني:
124، الآداب المعنوية لسائر مقدمات الصلاة وأفعالها، الآداب المعنوية للتسليم.
الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 243، الفصل الثامن عشر السلام.