واعلم أن من
مكائده أن يشغلك في الصلاة بفكر الآخرة وتدبير فعل الخيرات لتمتنع عن فهم ما تقرأ،
فاعلم أن كل ما يشغلك عن معاني القرآن فهو وسواس[353]، فإن حركة اللسان غير
مقصودة بل المقصود المعاني، والناس في القراءة ثلاثة: رجل يتحرك لسانه وقلبه غافل،
ورجل يتحرك لسانه وقلبه يتبع اللسان فيستمع ويفهم منه كأنه يسمعه من غيره وهو درجة
((أَصْحابُ
الْيَمِينِ))[354]، ورجل يسبق قلبه إلى المعاني
أولاً ثم يخدم اللسان قلبه فيترجمه. ففرق بين أن يكون اللسان ترجمان القلب أو يكون
معلم القلب، والمقربون ألسنتهم ترجمان يتبع القلب ــ انتهى[355].
وعليك بالخضوع والخشوع وحضور القلب في صلاتك.
الفصل العشرون: في بيان الخضوع والخشوع
وحضور القلب
قال الله تعالى: ((والَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ))[356] وقال تعالى: ((فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)
الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ ساهُونَ))[357]. ذمهم على الغفلة
عنها مع كونهم مصلين لا لأنهم سهوا عنها وتركوها[358].
[353]
أنظر: تفسير الثعالبي، أبي زيد الثعالبي: 4/ 142، تفسير سورة المؤمنون.
[354] إشارة إلى قوله تعالى في سورة
الواقعة/ الآية 27، ونصها: ((وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ)).
[355]
أنظر: إحياء علوم الدين، الغزالي: 1/ 159، كتاب أسرار الصلاة ومهماتها، بيان تفصيل
ما ينبغي أن يحضر في القلب عند كل ركن وشرط من أعمال الصلاة. أسرار الصلاة، الشهيد
الثاني: 124 ــ 126، أسرار أركان الصلاة وآدابها، الفصل الثاني في المقارنات،في
أسرار القراءة ووظائفها. أسرار العبادات،الفيض الكاشاني: 116 ـ 117، الآداب
المعنوية لسائر مقدمات الصلاة وأفعالها، الآداب المعنوية لدعاء الاستفتاح.
[356]
سورة المؤمنون/ 2. ونصها: ((الَّذِينَ هُمْ فِي صلاتِهِمْ خاشِعُونَ)).