فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج مغضبا يجر رداءه فرفع شيئا كان في يده فضربه. فقال: أعوذ بالله من غضبه، وغضب رسول الله. فأنزل الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}[577] فقال عمر: انتهينا، انتهينا»..

والأبيات لأحد المشركين كان يهجو بها نبي الله صلى الله عليه وآله!! وفيها تحدٍّ سافر لله جل وعلا, واستخفاف بالنبي صلى الله عليه وآله بتسميته «ابن كبشة»!!..

والمسألة المهمة هي لماذا اختار عمر هذه الأبيات بالذات دون غيرها عندما سكر؟! والجواب واضح فالإنسان عندما يكون في نصف قواه العقلية كمن يدخل تحت التخدير او السكر يبدأ عقله الباطن بأخراج كل الذكريات المدفونة والرغبات المكبوته فعمر كان تحت تصرف العقل الباطن حينما سكر فبدأ بإظهار ما كان يعجبه من الشعر بعد زوال القيود المانعة من خوف الناس والخشية على المكانة الاجتماعية التي كان يقاتل عليها! والملاحظ في الرواية أن عمر هو الصحابي الوحيد الذي (يُدعى) عند نزول كل آية من آيات الخمر مما قد يفهم منه مدى حب عمر للخمر وشربه لها لآخر لحظة قبل التحريم (بل وبعده بحجة النبيذ!).

والغريب أنهم كلما أعياهم حديث جاء بذم الصحابة الحاكمين من قريش قالوا إنّه نزل في رجل أنصاري, ومنها هذا الحديث اذ روى ابن حجر في «العجب

[574] القرآن الكريم - سورة المائدة - من الآية91.