رفع الشاب رأسه وأجاب بصوت فيه رقة ولطف: (نعم أنا خالد).

نظر الاثنان في وجه بعضهما وعلت على وجهيهما ابتسامة متبادلة، وقام خالد من مكانه متسائلا: (هل هذا الذي يقف أمامي هو أسامة؟).

ضحك أسامة وأجابه: (نعم أنا هو).

مد كل من أسامة وخالد أيديهما وتصافحا ثم قبّل أحدهما الآخر قبلات عدة ثم احتضن أحدهما الآخر، فهمس خالد في أذن أسامة: (تعال لنخرج إلى حديقة المكتبة لنستطيع التكلم بحرية أكبر).

فأجابه أسامة على الفور: (تفضل، وتقدم أنت أولا لأني لا أعرف الطريق إليها).

تقدم خالد ومشى أسامة خلفه واتجها نحو الباب الخشبي الموجود في نهاية قاعة المكتبة، وبينما كان أسامة يمشي حاول التأمل أكثر في وجه وملامح صديقه خالد وهو يقول في نفسه: (سبحان الله لم تتغير ملامح خالد على رغم تلك السنين وكأنه لم يكبر، فما زال رشيقا سريع الخطوات، وهو على ما فيه من نحافة الجسم فقد جمع قوة البدن وجمال الصورة، وما زال الرائي له يلمح في وجهه الأُنس والصدق والوداعة، وما زالت الشامة التي علَتْ جهة شفته اليسرى واضحة تجلب نحوها النظر، غير أن شارباً خفيفاً نبت تحتها زادها جمالاً، أما هندامه فهو كالسابق نظيف وبسيط، ولا أنسى عزة نفسه، ونقاء فطرته، وبديهيته التي تلفت انتباه كل من يحاوره ويعاشره).