يعدون
الشعر قفلاً "أوله مفتاحه"[33]
و"عولوا على أهميته في مطلع القصيدة لأنه يميِّز بين الابتداء وغيره، ويفهم
منه قبل تمام البيت روي القصيدة وقافيتها. "[34] كما اشترطوا أن يكونَ حلواً سهلاً وفخماً
جزلاً؛[35] فالمطلع يقع في السمع من القصيدة، والدال
على ما بعده، المتنزل من القصيدة منزلة الوجه والغرة. فإنما كان بارعاً وحسناً
بديعاً ومليحاً رشيقاً، وصدر بما يكون فيه من تنبيه وإيقاظ لنفس السامع، أو أشرب
بما يؤثر فيها انفعالاً ويثير لها حالاً من تعجيب أو تهويل أو تشويق، كان داعياً
إلى الإصغاء والاستماع إلى ما بعده.[36] وكذلك لاحظوا مناسبة المطلع لموضوع القصيدة،
فإذا كان المقام مقام حزن كان الأولى بالمطلع أن ينبئ بذلك من أول بيت وإذا كان
المقام مقام تهنئة أو مديح كرهوا الابتداء بما يتشاءم به،[37] أي تطبيق القاعدة البلاغية مراعاة الكلام
لمقتضى الحال.
أما المطلع غير المصرع فقد سماه حازم القرطاجني بـ(التجميع)
إذ يخلف ظنّ النفس في القافية[38]، وعُدّ أكثر عيباً من الإكفاء والسناد في
القوافي.[39]
وقد يلجأ الشاعر إلى التصريع الداخلي وهو أن يصرع أكثر
من موطن في القصيدة الواحدة، واصطلح عليه الدكتور يوسف حسين بكار بـ(تجديد
المطلع) [40] وهو "دليلٌ عل قوة الطبع، وكثرة المادة،
إلا أنه إذا كثر في القصيدة دلَّ على تكلف…"[41]