فيمثل الشاعر زينب عليها السلام بالعاتبة على أخيها الحسين عليه السلام وهو
لا يقوم بنصرتها ويخلصها من أيدي الأعداء، وأي عتب تعتبه على من صار نهباً لسيوف
أعدائه ورماحهم وقد توزعت أشلاؤه، إنه عتب لا يجدي ولكنه عتب أليم وتذكره زينب
وتذكر معه صفاته الرجولية كسرعة الإجابة ونجدة المستغيث أو تذكره بأنها كانت في
الحرم المنيع مصانة مخدرة ولكنها الآن أصبحت بوضع آخر بعده، فيقول[292]:
وتقول عاتبة عليه وما عسى
***
***
يجدي عتـــاب موزع الأشلاءِ
قد كنت للبعداء أقرب منجــد
***
***
واليوم أبعدهم عن القرباء
أدعوك من كثب فلم أجد الدعـا
***
***
إلا كما ناديت للمتنائي
قد كنت في الحرم المنيع خبيئة
***
***
واليوم نقع اليعملات خبائـي
لقد استعمل
الشاعر المقارنة بين حالين كان عليهما الحسين عليه السلام مع أخته زينب، فقد كان أقرب
منجد للقرباء والبعداء، وصار اليوم بعيداً عنها وهي القريبة منه، بل أقرب القرباء
وإنها لتدعوه إلى نجدتها ولكنه ذهب ونأى بعيداً عنها فأصبحت بحالة جديدة من بعده
بعد أن كانت بمعيته في الحرم المنيع مصانة محفوظة لا يطلع عليها الغرباء، ثمَّ
تأتي صيحتها الأليمة:
أسبى ومثلك من يحوط سرادقي
***
***
هذا لعمري أعظم البرحاء