فقد روى ابن حجر وغيره مشهداً من مشاهد الإجماع الشعبي لبطل الميثولوجيا السلفية حينما عاد البطل من رحلته التي صنع فيها المستحيل فاستقبل استقبال الفاتح كأنك تنظر إلى هرقل، أو تيسيوس، أو مينوس، أو غيفارا، بل تكاد لا تفرق بين هذه المشاهد عند رؤيتك لعودة محمد بن إسماعيل إلى محل ولادته وبلدته.

يقول ابن حجر عن مسلم بن الحجاج: لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت والياً ولا عالماً فعل به أهل نيسابور ما فعلوه به استقبلوه من مرحلتين من البلد أو ثلاث)[462].

(فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل حتى امتلأت الدار والسطوح)[463]، فحاله في ذاك حال غيره من الأبطال.

4 ــ الخطب الجلل يكون دافعا للبطولة عند الطرفين[464]

ولقد صرح البخاري عن الخطب الجلل الذي دفعه لخوض معركة البطولة، وذلك من خلال رؤياه التي رآها وهو يذب بالمروحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان كثرة الكذابين والوضاعين وانتشار الأحاديث الموضوعة خطباً جللاً دفع بالبخاري إلى أن يصرف من عمره ست عشرة سنة ليسافر من بلد إلى بلد، كي يحارب الكذابين ويقطع عليهم الطريق حينما جمع الأحاديث الصحيحة.

5 ــ البطل الأسطوري يدافع دائما عن الحقوق الإنسانية، بعيداً عن أي تحيز[465]

يحاول البخاري جاهداً أن يكون كتابه الجامع الصحيح قائماً على عدم التميز، كما

[462] فتح الباري لابن حجر: ص491.

[463] المصدر نفسه.

[464] الميثولوجيا العالمية: ص345.

[465] الميثولوجيا العالمية د. حنّا عبود: ص345.