الدواعي والأسباب:

بعد أن استعرضنا حيثيات ولادة الإمام المهدي عليه السلام, يبقى السؤال المهم: أين هو الإمام الآن؟

من المعلوم إنّ اطروحة الإمام المهدي عليه السلام في بسط العدل والسلام أنحاء المعمورة وأن يكون الدين لله وحده لا شريك له فإن ذلك لا يتحقق إلاّ بتأسيس الدولة الإلهية العادلة, ولا يتحقق الأمر هذا إلاّ بإلغاء كل الكيانات الدولية التي لا تنسجم طبيعتها مع الاطروحة الإلهية, ومن الطبيعي إنّ ذلك المشروع الذي يتبناه الإمام عليه السلام سيعرض السلطات غير الشرعية إلى الزوال وهو ما يقلق أكثر الحكام الذين لا ينسجمون في رؤيتهم مع هذه الاطروحة الإلهية, ومن غير الممكن أن تبقى مثل هذه الأنظمة الظالمة تتفرج وتنتظر ساعة زوالها على يده صلوات الله عليه, فإذن لابد أنْ يطارَد الإمام ويلاحَق من قبل هذه السلطات ومن كل الوجودات التي لا تتوافق مع معطيات حركته المباركة, وهو الواقع المفروض على الإمام أن يحفظ نفسه الشريفة ليبقى سالماً دون ان يمسه سوء لينفذ المهمة الإلهية التي أمره الله تعالى بإقامتها, فلابد إذن من الاختفاء عن أعين الناس لئلا يصل خبره إلى هؤلاء الحكام، الذين يلاحقونه للقضاء عليه مما ادّى به صلوات الله عليه أن يغيب ويبتعد عن أوساط الناس ليلتقي مع من يريد من شيعته تبعاً لمقتضيات المصلحة.