يختلف الإنسان في التكوين النفسي عن جميع المخلوقات، فهو أضعف من جميع
الكائنات في مراحل نموه ولاسيما مرحلة ما بعد الولادة؛ ولأن هذه الفترة طويلة فقد
نشأت هذه النفس الإنسانية على الغيريّة والافتقار الشديد إلى وجود غيره حتى في
أعلى مراحل النمو والتكامل، إلا وهي مرحلة الشباب والفتوة.
ولذا؛ تندفع النفس إلى البحث عن من يسد لها هذا الافتقار لأنها نشأت على
ذلك.
ولقد بين القرآن الكريم هذه النشأة التكوينية للنفس من خلال بعض الآيات،
فكانت مدلولاتها النفسية تشير إلى أن الغيريّة قد أصبحت صفة ملازمة للنفس
الإنسانية.
إلاّ أن
الفارق بين هذه التكوينات النفسية، هو أن النفس المؤمنة بالله عز وجل تفي لبارئها
الذي أمدها بالعون، والغنى، والمدد الذي لا ينتهي، ولا ينقطع، ولا ينفد، بالشكر
والحمد؛ وأن النفس الكافرة لتجحد النعمة وتنكر فضل المنعم عزّ شأنه.