ولا على أهل بيته احد من أولئك الطغاة العتاة، ولرأينا كيف يرفعه التاريخ الإسلامي علما ويصيره أسطورة من أساطير العلم والعمل والشجاعة، ولما تجرأ عليه التاريخ باتهامه تارة بأنه قتل بسيف جده، وأخرى انه خرج على إمام زمانه ونكث البيعة وفرق صف المسلمين، وثالثة بأن بيعة يزيد شرعية وخروج الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه قد سبب للأمة شرخا وصدعا حاشاه من جميع هذه الافتراءات الكاذبة.

وعليه فيكون سلام الإمام الباقر صلوات الله وسلامه عليه على الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه بقوله: (السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ) داخلاً في ضمن تبيان الأسباب والمسببات التي أدت إلى مقتل واستشهاد الإمام وأهل بيته وأصحابه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

المدلول الثاني: تبيان موجبات زيارة الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه

كلما كان الولي أعظم قدرا وأكمل مقاما وارفع منزلة يكون الداعي إلى زيارته وصلته أشد وأوكد، ولا يوجد أفضل من أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين الذين منَّ الله سبحانه على البشرية جمعاء بهم وبجدهم صلى الله عليه وآله وسلم، فبهم أخرج الله سبحانه العباد من الضلالة إلى الهدى، وبهم فتح الله سبحانه على العالم كل أبواب الخير، وبهم عرف الله سبحانه وعبد حق عبادته، وبهم علمنا الله معالم ديننا، وأصلح ما فسد من دنيانا، وبهم ينزل كل خير ويدفع كل شر، فبسبب كل هذه الكمالات وبسبب أياديهم العطوفة على البشرية صار الداعي إلى زيارتهم ووصلهم والحضور إلى قبورهم أوجب وأشد وأوكد من كل صلة أخرى.

وواحدة من أهم الأمور التي توجب[71]على المؤمنين صلة أبي عبد الله الحسين

[71] روى صاحب كتاب كامل الزيارات محمد بن قولويه ص246 عن أبي عبد الله صلوات الله وسلامه عليه انه قيل له: (جعلت فداك ما تقول فيمن ترك زيارته وهو يقدر على ذلك؟ قال: أقول انه قد عق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعقنا واستخف بأمر هو له...)، وفي ص238 عن أم سعيد الاحمسية عن أبي عبد الله صلوات الله وسلامه عليه قالت: (قال لي يا أم سعيد تزورين قبر الحسين؟ قالت: قلت نعم، فقال لي: زوريه فان زيارة قبر الحسين واجبة على الرجال والنساء) ومن هذه الروايات وغيرها استظهر العلامة المجلسي وجوب زيارة الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه حيث قال: (ولا يبعد القول بوجوبها في العمر مرة مع القدرة، وإليه يميل الوالد العلامة) راجع بحار الأنوار ج98 ص10 فيمن ترك زيارة الحسين عليه السلام.