وليس هنا محل تحقيق ذلك إلا ان فقرة (ولعن الله امة قتلتكم) فيها تصريح واضح بان الأمة التي قتلت أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هي بذاتها التي قتلت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إضافة إلى وجود روايات تؤكد على ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأكل من الطعام المسموم الذي قدم له بخيبر، قال الطبري: (فلاك صلى الله عليه وآله وسلم منها مضغة فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور الأنصاري من بني سلمة من الخزرج قدّ منها كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها ثم قال: إن هذا العظم ليخبرني انه مسموم)[667].

فمن هذا وغيره استبعد بعض الباحثين أن يكون اليهود هم من قام بسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ليس من باب تبرئتهم، فهم أهل لكل سوء، وكهف لكل نفاق ومؤامرة، ولكن الإنصاف في البحث وحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحرمته تستدعي أن يزاح الستار عن الفاعل الحقيقي لهذه الفاجعة النكراء والجريمة الشنعاء، وأصابع الاتهام تشير إلى بعض الأطراف القريبة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم إما مستقلة وإما متعاونة مع أطراف يهودية أخرى.

الأدلة على قتل السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها

اجتمعت كلمة العامة والخاصة على أن السيدة الطاهرة فاطمة بنت محمد صلوات الله وسلامه عليها قد ماتت وهي بعمر الثمانية عشر سنة، ولكن اختلفوا في أن موتها هل كان بفعل الغير أم لا، ونحن وبسبب ما بين أيدينا من أدلة روائية نقطع بموتها بسبب فعل الغير، ولنا على ذلك عدة من الأدلة نستعرض بعضها فيما يأتي:

[667] تاريخ الطبري ج2 ص303، السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص801، البداية والنهاية لابن كثير ج4 ص240.