نام کتاب : تيجان الولاء في شرح بعض فقرات زيارة عاشوراء نویسنده : البلداوي، وسام جلد : 1 صفحه : 347
حتى اضطر النبي صلى الله عليه وآله إلى ان
يبعث إليهم من يفرقهم ويحرق البيت عليهم وينهي اجتماعهم[624]).
ومنهم الجد بن
قيس الذي كان يحرض الناس علنا ويخوفهم قتال الروم ويثبطهم عن الالتحاق بالنبي صلى
الله عليه وآله وسلم.
ومنهم الذين
كانوا يشيعون بين المسلمين ان لا تنفروا في فصل الصيف وحره وانتظروا فصل الشتاء
وطيب جوه فأنزل الله سبحانه وتعالى فيهم قوله: ((فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ
بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي
الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81)
فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ))[625]).
وأضمر كثير من
هؤلاء المتخلفين بل وحتى كثير من الملتحقين على كره وإجبار ما في نفوسهم من
العداوة والنفاق والتثاقل مخافة أن ينزل فيهم قرآن يتلى يخبر الناس بحقيقة ضمائرهم
ويكشف الستار عن مكنون سرائرهم وهم الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله ((يَحْذَرُ
الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي
قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ))[626]).
وأنت خبير
بحكمة نزول القرآن الكريم في كل حدث في هذه الأيام وفي كل فعل بل وحتى في كل ضحكة
لهؤلاء المتمردين كما في قوله تعالى ((فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا
كَثِيرًا))[627]فهو دليل على أن
تلك الأقوال والأفعال وحتى الضحكات كانت تجد لها أرضا خصبة تؤثر فيها، وهو دليل
على أن هذه الجماعات المتمردة كان لها نفوذ واسع وقوي وكلمة مسموعة في صفوف تلك الأمة، وإلا كيف استطاعوا التأثير في الأمة وإقناع
ثلاثين ألفا أو سبعين ألفا.
وعلى أي حال فقد
كانت هذه الظاهرة من العصيان الجماعي لأوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والوقوف
العلني بوجهه صلى الله عليه وآله وسلم هي بداية تحول جديد للصحابة وهو ما
[624] السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص944 ، البداية والنهاية
لابن كثير ج5 ص7 ، السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص6.