باء: سلامتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في عالم الطينة[253]

الآيات القرآنية المباركة جاءت صريحة في تبيان أن أصل المادة التي تكون منها الإنسان وخلق هي الطين كما قال تعالى: ((الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ))[254]، وكما في قوله تعالى أيضا: ((وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا))[255]، وقد تكفلت الروايات الشريفة في توضيح وتفصيل هذا الخلق، وتبيان أن حكمة الله سبحانه تعلقت بإيجاد أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من طينة مميزة عن سائر أفراد البشر، وان طينتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين لم يشاركهم فيها أحد حتى الأنبياء والمرسلون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

ثم خلق أرواح شيعتهم من فاضل طينتهم، وخلق أعداءهم من طينة أخرى وسيأتي تفصيل الكلام عنها عند استعراضنا لبعض روايات الطينة.

فيكون معنى السلام في مرحلة عالم الطينة هو ان الله سبحانه بحكمته وقدرته سلمهم من ان تتكدر طهارة طينتهم بخبث وظلمانية طينة أعدائهم وشانئيهم فلذا خلقهم من طينة طاهرة طيبة اصطفاها لهم ليكون فيها مستقر أنوارهم التي اصطفيت من قبل في عالم الأنوار والأشباح، وكذلك سلمهم وعصمهم من ان يشاركهم بهذه المزية أحد من العالمين.

واليك بعض الروايات الشريفة التي توضح بعض تفاصيل عالم الطينة:

[253] قال الجوهري في الصحاح (ج 6 ص 2159)، وابن منظور في لسان العرب (ج 13 ص 270) (والطينة: الخلقة والجبلة. يقال: فلان من الطينة الأولى).

[254] سورة السجدة الآية رقم 7.

[255] سورة المؤمنون الآية رقم 12.