الآخر، محاولة إفهام الأمة وجذب انتباهها إلى ان وجود السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليهما نعمة من النعم الإلهية التي خص الله بها هذه الأمة من دون الأمم فيجب على كل فرد من أفرادها أن يحسن مجاورة هذه النعمة ويراعي حرمتها.

وكثيراً ما كان النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يحاول إفهام الأمة ان فاطمة صلوات الله وسلامه عليها ليست موجودا بشريا عاديا كسائر البشر وعوام الناس[132])، وانها صلوات الله وسلامه عليها موجود يجمع ما بين صفات عالم الملك وعالم الملكوت وهي مزيج الهي خاص لا يتكرر ولن يتكرر في غير القالب الوجودي للسيدة الطاهرة فاطمة بنت محمد صلوات الله وسلامه عليها فهي حوراء إنسية[133])، وهي ليست كسائر نساء العالمين أيضا، ولا يصح مقارنتها بواحدة منهن، لأنها سيدة نساء العالمين[134]، والسيدة لا تقارن بمن دونها من آحاد الأمة.

([132]) روى الطبراني في المعجم الكبير ج22 ص401 في مناقب فاطمة عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخاطب عائشة بقوله: (يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدميين ولا تعتل كما يعتلون).

([133]) روى ابن الجوزي في كتابه الموضوعات ج 1 ص 412 قال: (نبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر محمد بن علي الخياط أنبأنا أحمد بن محمد بن درست أنبأنا أبو الحسين عمر بن الحسن الأشناني حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن حاتم بن عبيد الله العجل [ العجلي ] حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الهاشمي قال: كنت أنا وأبو علي القوقساني في جماعة فيهم غلام خليل فذكروا فاطمة، فقال غلام خليل: حدثني حسين بن حاتم حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت " قلت يا رسول الله مالي أراك إذا قبلت فاطمة أدخلت لسانك في فيها كأنك تريد أن تلعقها عسلا؟ قال: نعم إن جبريل الروح الأمين نزل إلي بعنقود قطف من الجنة فأكلت وجامعت خديجة، فولدت فاطمة، فإذا اشتقت إلى الجنة قبلتها فهي حوراء إنسية ". قال فقال عبد العزيز: لا إله إلا الله هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد، والله لا كتبته إلا قائما على رجلي ولا كتبته إلا في ورقة تهامية بماء الذهب. قال فقام على رجليه وجاؤوه بورقة تهامية وبماء الذهب فكتب الحديث).

[134] ورد وصفها صلوات الله وسلامه عليها بسيدة نساء العالمين أو سيدة نساء أهل الجنة أو سيدة نساء المؤمنين عند الخاصة والعامة فأما عند الإمامية أعزهم الله فهو مسلم به متواتر لا يقبل تأويلاً ولا تشكيكاً، وأما عند العامة فقد ورد هذا الوصف بطرق يصعب حصرها وفي مصادر يصعب إحصاؤها لكننا نذكر على سبيل المثال كلاً من: البخاري في صحيحه ج4 ص183 باب علامات النبوة في الإسلام، وص209 باب مناقب المهاجرين وفضلهم، وص219 من نفس الباب، ج7 ص142 كتاب الاستئذان، وفي صحيح مسلم ج7 ص143 وص 144 باب فضائل فاطمة بنت النبي، وفي المستدرك للحاكم النيسابوري ج3 ص156 في إذا سافر النبي كان آخر الناس عهدا به فاطمة، وغير ذلك مما لا يحصى عده.