نام کتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان نویسنده : قاسم، عيسى احمد جلد : 1 صفحه : 164
التي قد يكتسبها الفرد قبل وعيه
وعلى يد غيره، ولا يُمثِّل فارقها الشيء المهم بالنسبة لعمق إنسانية الإنسان.
وحسب الآية الكريمة عندما يتخلى
الطرف الآخر عن شركه يدخل في أخوة مقدّسة واحدة مع سائر المؤمنين، تجعل له ما لهم
وعليه ما عليهم، ولا يفضلونه أو يفضلهم إلا بالتقوى، وهي أفضليةٌ لا تعطي امتيازات
في الحقوق الدنيوية إلا في موقع يرتبط فيه الحفاظ على مصلحة المجتمع الكبير بعنصر التقوى،
فيكون ذلك الموقع مشروطاً بها.
ورابطة الدين، وأخوّة الإيمان
دورها فاعلٌ في توحيد الناس، ورعاية الحقوق، وتصحيح العلاقات والسموّ بها، على
خلاف ما تؤدّي إليه نزعات الأرض، وما تترشح عنه الرؤى والمشاعر المنشدّة إلى
المادة.
ونقرأ في هذا المجال قوله تعالى:
«وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِاللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْإِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِإِخْواناً ...[1]» كانت النظرة الأرضية تمزق
صفوفهم وتعادي بينهم، ويعيشون من منطلقها الصراع على الأشياء الصغيرة، والقضايا
الحقيرة. والإيمان هو الذي وحّدهم بعد الفُرقة، وجمع شملهم بعد الشتات حتى صاروا
الإخوة الذين لا يستعلي بعضهم على بعض، ويسوؤه أن يصيبه مكروه، ولا يهنئه أن يغنى
وهو فقير، وأن يشبع وهو جائع، وأن يأمن وهو خائف، وربما آثره على نفسه، وقدّم
حاجته على حاجته.
وأخوة الإيمان التي تستشعرها
القلوب، وتجد معناها النفوس، ويعرفها وجدان الإنسان المؤمن يزيدها الجعل الشرعي
رسوخاً في العقل والقلب.
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَإِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ....[2]»
ولا تتخذ حضارة الإيمان