وبنى كلّ هذا على ادّعاء أنّ العرب قد تعطف الشيء على
الشيء بفعل ينفرد به أحدهما ، كما تقول : أكلت الخبز واللبن ;
أي : وشربت اللبن[442] .
والجواب :
أمّا الإعراب بالمجاورة : فقد تعرّض لردّه غير واحد من
أهل العربيّة ، ـ وقد تقدم القول فيه مفصلاً ـ وأوّل من ردّه الزجّاج كما
تقدّم ، وآخر مَن ردّه النحّاس الأديب ، حيث قال ـ كما نقله عنه
القرطبيّ في تفسيره[443] ـ هذا القول غلط عظيم ،
لأنّ الجوار لا يكون في الكلام أن يقاس عليه ، وإنّما هو غلط ونظيره
الإقواء .
وانخرط في هذا السلك من النحويّين من لهم شأن في العربيّة
كبير ، سوف نتعرّض لهم في الخاتمة إن شاء الله .
وأمّا آية سورة الرَّحمن : فلا تكون مستنداً للإعراب
بالجوار ، لأنّ الرفع إنّما يكون من باب العطف على «شواظ» ، والجرّ من
باب العطف على «نار» وهي مجرورة بـ «من» ، لا أنّه في هذه القراءة أيضاً
معطوف على شواظ والجرّ بالمجاورة ، بل معطوف على «من نار» ولا يلزم
محذور ، والمعنى مستقيم كما