وقد أوضحنا بعض معالم منهجنا في مقدمة كتابنا ( وضوء
النبيّ ) وأكّدنا على ضرورة دراسة المتن والسند
معاً ،
مع بيان الجذور السياسية والاجتماعية والتاريخية والجغرافية للأحداث ، وأن لا يكتفي المؤرّخ أو الفقيه بواحد
منها دون الآخر ؛
لأن اتّخاذ أحد الأسلوبين ( القديم أو الجديد )
ربما لا يقنع المطالع وخصوصاً في القضايا الخلافية، فالبحوث الإسنادية مثلاً هي
بحوث تخصّصية بحتة لا يستسيغها الأكاديمي ( الجامعي ) ، وقد تثقل على مسامع غير المتخصّصين . وكذلك الحال بالنسبة إلى البحوث
التاريخية التشريعية ،
فرّبما لا يرى الطالب الحوزوي والأزهري كثير فائدة في طرحها ، ومن هنا سَعَينا أن نجمع ـ في دراساتنا ـ بين الأسلوبين ، كي نخاطب أكبر عدد ممكن من القراء
الأعزاء ،
مبسطين العبارة والفكرة بقدر المستطاع . وأشرنا إلى بعض أهدافنا صراحةً بالقول :
لقد انتهجنا هذا الأسلوب في
دراسـتنا واتّبعناه لا لشيء إلّا لتطوير وإشاعة مثل هذه الدراسات في معاهدنا
العلمية وجامعاتنا الإسلامية ، على أمل تعاون
المعنيّين معنا في ترسيخ هذه الفكرة وتطويرها ،
وأن لا يدرسوا الفقه دراسة إسنادية متنية فقط دون معرفة ملابسات الحكم التاريخية
والسياسية ، ونرى في طرح مثل هذه الدراسات رُقيّاً للمستوى الفقهي والأُصولي لدى
المذاهب الإسلامية ، وتقريباً لوجهات النظر بين المسلمين ،
وترسيخاً لروح الانفتاح فيهم ، ومحاولة للقضاء على
مختلف النزعات العاطفية وإبعادها عن مجالات البحث العلمي ، وعدم السماح لتحكّم الخلفيات الطائفية ، والرواسب الذهنية في هذه البحوث العلمية النظرية .