السماء لم تختصّ
بمدرسة أهل البيت ، فقد حكى الداوديّ عن ابن إسحاق أنَّ جبرئيل أتى النبيَّ بالأذان قبل
أن يراه عبدالله بن زيد وعمر بثمانية أيّام[89] ، ويؤيّده ما جاء عن عمر من أنّه ذهب ليشتري ناقوساً فأُخبِر أنَّ ابن
زيد قد أُرِي الأذان في المنام ، فرجع ليخبر رسول الله ، فقال له : « سبقك بذلك
الوحي »[90] .
وقد روى عبدالرزّاق
عن ابن جريج عن عطاء أنّه سمع عبيد بن عمير يقول :
إنّ الأذان كان بوحي من الله[91] .
وروى السيّد ابن طاووس ـ مِن
علماء الشيعة الإماميّة ـ
بإسناده إلى عبدالرزّاق عن معمر ،
عن ابن حمّاد ،
عن أبيه ،
عن جدّه ،
عن النبيِّ في حديث المعراج ،
قال :
« ثمّ قام جبرئيل فوضع سبّابته اليمنى في أذنه فأذّن
مَثْنى مَثْنى » يقول في آخرها : « حيّ
على خير العمل ،
حتىّ إذا قضى أذانه أقام للصلاة مثنى مثنى »[92] .
وفي كنز العمّال « مسند رافع بن خديج » : لمّا أُسرِي برسول الله إلى السماء أوحي إليه بالأذان ، فنزل به فعلّمه جبرئيل ( الطبراني في الاوسط عن ابن عمر )[93] .
ولذلك حاول القسطلانيّ الشافعي في ( إرشاد
الساري ) التخلّص من إشكال التشريع بالرؤيا ، فأدّعى أنّ المشرِّع للأذان هو النصّ
الذي أَقَرَّ المنامَ لا نفس المنام ، فقال : قوله تبارك وتعالى : وإذا نادَيتُم إلَى الصلاةِ اتّخَذُوها
هُزُواً ولَعِباً ذلكَ بأنَّهم قَومٌ لا يَعلَمونمعانيَ عبادة الله وشرائعه ، واستدلّ على مشروعيّة الأذان بالنصّ لا
بالمنام