ومن المعلوم أنّ
الدولة العباسية أُسست على شعار الرضا من آل محمّد[821] وأنّهم قد تذرعوا بطلب ثار الشهداء من أبناء فاطمة : الحسين بن عليّ ، زيد بن عليّ بن الحسين ، وولده يحيى وسواهم .
لكنّهم سرعان ما
قلبوا للعلويين ظهر المجنّ فلم يَفُوا بما عاهدوا عليه الأمة ، ولم يحافظوا على الدلالة الصادقة لمقولة « الرضا من آل محمّد » ، بل نقضوا ما بايعوا عليه محمّد بن عبدالله بن الحسن « النفس الزكية » قبل الانتصار .
وبعد خيانة
العباسيين لشعار الرضا من آل محمّد ، ادّعَوا أنّهم أولى
بالخلافة من العلويين ؛ لمكان العبّاس عم الرسول ، وأنه أولى بالنبي من
عليّ وفاطمة وأبنائها ! وهنا كان من الطبيعي أن تغيظهم الحيعلة الثالثة المشيرة إلى أولوية
عليّ وأولاده المعصومين بالخلافة من بني العبّاس وغيرهم .
وبما أنّ الحكومتين
الأمويّة والعباسيّة كانتا تقدّمان الشيخين على الإمام عليّ وتأخذان بسيرتيهما ، فمن المنطقيّ جدّاً أن لا يرتضي العلويّون السكوت عما فعله هؤلاء من
ظلم لأهل البيت ومن طمس لـ « خير العمل » ، فلذلك كان العلويون يقفون أمام الاجتهادات الُمحدَثة من قبَلَ
الخلفاء كحذف « حيّ على
خير العمل » وتشريع
صلاة التراو يح ، والتكبير على الميّت أربعاً ، وإخفات
البسملة . بل ربّما كان العلويّون يبعدون المرمى ويصيبون المقتل فيصرّحون بأنّ
السبب الأوّل في ضياع حقهم في الخلافة وضياع أحكام الدين ما هو إلّا ما فعله
الشيخان بعد وفاة الرسول
0 .
من هنا جَدَّ العلو يّون لإعادة السنّة إلى موضعها ـ كما كانت في عهد رسول الله وكما
أرادها الإمام عليّ ـ فأخذوا يعلنون « حيّ على خير العمل » على المآذن ،
[821] انظر : تاريخ الطبري
7 : 358 احداث سنة 129 و7 : 390 احداث سنة 130 هـ
وغيرهما .