عقّوا فاطمة فغصبوا
منها فدكاً[792] ، وروّعوها ، وهددوها بحرق دارها[793]حتّى ماتت غاضبة عليهما[794] ، كما عقّوا ولدها فمضوا مسمومين مقتولين مشرّدين . ولو تمسك القوم بالولاية التي هي خير العمل لبَرّوا فاطمة وولدها ، ولما خرجت الخلافة من أهلها ،
ومن هنا نعلم أن تفسير الحيعلة الثالثة تارة بالولاية ،
وأخرى ببرّ فاطمة وولدها ، إنّما هما وجهان لعملة واحدة ،
وعبارتان تدلان على معنى مشترك واحد ، وهو أنّ محمّداً
وعليّاً وأولادهم المعصومين هم خير البرية .
ولعلّ القارئ
الكريم قد وقف على جذور هذا الأصل الديني من القرآن والعترة فيما وضّحناه سابقاً
في البحوث التمهيدية ، من أنّ تشريع الأذان سماويٌّ ،
وهو يحمل في طياته سمات معنوية وأسراراً عالية ، وأنّه بيان لأصول العقيدة وكليّات الإسلام ،
لأنّ الأذان ليس إعلاماً لوقت الصلاة فقط ،
بل إنّ آثاره تجري في عدة أمور ، فهو بيان لما ابتنى عليه الدين الإسلامي من التوحيد والنبوة ـ والإمامة في نظر الإمامية ـ .
[793] جاء في تاريخ الطبري 3 : 202
بسند معتبر ، قال : أتى عمر بن الخطاب منزل عليّ وفيه طلحة والزبير
ورجال من المهاجرين ، فقال : والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ
إلى البيعة . وقد كانت فاطمة في البيت ، فقالوا لعمر : إنّ في
البيت فاطمة ! قال : وإنْ ( انظر الإمامة والسياسة
1 : 12 ، اعلام النساء 4 : 114 ) .
[794] جاء في صحيح البخاري 2 : 504
كتاب الخمس باب 837 باب فرض الخمس ح 1265 بسنده عن أم المؤمنين عائشة أنّها
اخبرته : أن فاطمة 2 ابنة رسول الله 0 سألت ابا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله 0 أن يقسم لها ميراثها ما
ترك رسول الله ممّا أفاء الله عليه ، فقال لها أبو بكر : إن رسول الله
قال : لا نورث ما تركنا صدقة ، فغضبت فاطمة بنت رسول الله ، فهجرت
أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتّى توفّيت ، وعاشت بعد رسول الله ستة أشهر .