خوض الصحابة ولا التابعين
واختلافهم فيها ، ثمّ جاء الخلاف الشديد من المتآخرين ،
ثمّ كلّ من المتفرّقين أدلى بشيء صالح في الجملة وإن تَفاوَت »[17] .
ترى ما مدى مصداقية
هذا الكلام وقربه من الواقع ؟ وهل من الصحيح أنّ الصحابة لم يختلفوا في الأذان كما ادّعى هذا
القائل من المتأخرين ؟! بل هل يصحّ ما قاله ابن حزم عن الصحابة ،
كما مرّ بنا قبل قليل[18] ؟ .
للإجابة عن أهمّ
الملابسات والتساؤلات ، لابُدّ من البحث وتنقيح المطالب ووضع النقاط على الحروف ، فنقول مستعينين بالله سبحانه وتعالی :
الأذان لغة واصطلاحاً
من المفيد قبل
البدء في تفاصيل هذه الدراسة أن نتعرّف على المعنى اللغويّ والمفهوم الاصطلاحي
للأذان ، وبيان تاريخ تشريعه وما قيل في الملابسات الدائرة حوله .
الأذان في اللغة ، هو : مطلق الإعلام ومنه اذنني فلان : أي أعلمني ، قال المقداد السيوري:
وهو لغة إمّا من الإذن بمعنىٰ العلم أو الإذن بمعنى الإجارة، وعلى كلا
التقديرين أصله الإيذان كالأمان بمعنى الإيمان والعطاء بمعنى الاعطاء . وقيل إنّه
فعال بمعنى التفعيل كالسلام بمعنى التسليم، والكلام بمعنى التكليم ، فأذّن المؤذّن
حينئذٍ بمعنى التأذين وهو أقرب، ومنه قوله تعالى : آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ أي أعلمتكم على سواء[19] .