لاحتواء تلك
الأسانيد على وقفات علميّة ؛ سَنَديّة ودلاليّة ، يجب بيانها إن اقتضى الحال .
قال السيّد المرتضى في الانتصار : وقد روت العامّة أنّ ذلك ] أي « حيّ على خير العمل »[ مما كان يقال في بعض أيام النبيّ ، وإنّما ادّعي أن ذلك نُسخ ورُفع ،
وعلى مَن ادّعى النسخ الدلالة له ، وما يجدها[374] .
وقال ابن عربي في الفتوحات
المكية : وأمّا من زاد في الأذان حيَّ على خير العمل فإن كان فُعل في زمان
رسول الله ـ كما روي أنّ ذلك دعا به في غزوة الخندق ؛
إذ كان الناس يحفرون ، فجاء وقت الصلاة وهي خير موضوع كما ورد في الحديث ، فنادى المنادي أهل الخندق « حيَّ على خير العمل » ـ فما أخطأ مَن جعلها في الأذان ،
بل اقتدى إن صحّ الخبر ، أو سنّ سنّة حسنة[375] .
وجاء في الروض النضير عن كتاب
السنام ما لفظه : الصحيح أنّ الأذان شرّع بحيّ على خير العمل ، لأنّه اتُّفِق على الأذان به يوم الخندق ، ولأنّه دعاءٌ إلى الصَّلاة ،
وقد قال0 « خير أعمالكم الصلاة »[376] . كما وردت روايات أخرى تفيد أنّ مؤذّني رسول الله0 وغيرهم من الصحابة استمرّوا على التأذين
بها حتّى ماتوا[377] .
وعليه فالفريقان
شيعةً وسنةً متّفقان على ثبوت حكمها في الصدر الأوّل وعلى كونها جزء الأذان في بدء
التشريع ، لكنّ أهل السنة والجماعة انفردوا بدعوى
[374] الانتصار 137 ، باب « وجوب قول حيّ على خير العمل في الأذان » .